أركـــــــــــان القصه القصيره
(البنيه الفنيه)
يختلف منظرو القصة القصيرة,اختلافا كبيرا حول طبيعة أركانها وعددها حسب فهم كل منهم لماهية القصة القصيرة ,وقد اعترضتنا هذه الخلافات,وبعد مطالعة عدد كبير منها ومقارنة بعضها ببعض انتهينا إلى ضبط بضعة أركان أساسية تكاد تتفق معظم الآراء على أهميتها ولزومها في أية قصة قصيرة فنية..وفيما يلي عرض لهذه الأركان وبيان لعناصرها:
1-الحدث وطرق بنائه:
يعد الحدث أهم عنصر في القصة القصيرة ,ففيه تنمو المواقف,وتتحرك الشخصيات,وهو الموضوع الذي تدور حوله.([1])يعتني الحدث بتصوير الشخصية في أثناء عملها,ولاتتحقق وحدته إلا إذا أوفى ببيان كيفية وقوعه والمكان والزمان,والسبب الذي قام من أجله.كما يتطلب من الكاتب اهتماما كبيرا بالفاعل والفعل لأن الحدث هو خلاصة هذين العنصرين.([2])
لقد اتضحت ملامح الحدث القصصي على يد الكاتب الفرنسي""موبسان""بتأثير من الاتجاه الواقعي الجديد,والذي يرى أن الحياة تتشكل من لحظات منفصلة,ومن هنا كانت القصة عنده تصور حدثا واحدا وفي زمن واحد لا يفصَل فيما قبله,أو فيما بعده,ومنذ دعوة""موبسان""سار جل الكتاب على نهجه وعدوا ركن الحدث عنصرا مميزا للقصة,وحافظوا عليه كأساس فني لا ينبغي تجاوزه.ومن أشهر كتاب القصة الذين تتضح في كتاباتهم هذه الخاصية:أنطوان تشيكوف,وكاتريل مانسفيلد,ولويجي براندللو.([3])
وأهم العناصر التي يجب توفيرها في الحدث القصصي هو عنصر التشويق,وفائدة هذا العنصر تكمن في إثارة اهتمام المتلقي وشده من بداية العمل القصصي إلى نهايته وبه تسري في القصة روح نابضة بالحياة والعاطفة.([4])
ويعد كذلك زمن الحدث أهم هذه العناصر ,وهو ينطوي على مجموعة من الأزمنة,وهي((زمن الحبكة وزمن القصة وزمن العمل القصصي نفسه ثم زمن قراءته))([5]),كما أن للحدث مجموعة من الخصائص من شأنها أن تزيده قوة وتماسكا كالتعبير عن نفوس الشخصيات,وحسن التوقيع والانتظام في حبكة شديدة الترابط أن يكتسب صفة السببية والتلاحق.([6])
وحتى يبلغ الحدث درجة الاكتمال,فإنه يتوفر على معنى.([7])وإلا ظل ناقصا .كما أنه توجد طرق فنية لبناء الحدث القصصي وطرائق لصوغه نعرض لأهمها بإيجاز فيما يلي:
أ-طرق بناء الحدث:
يستعمل كتاب القصه القصيره ثلاث طرق لبناء أحداث قصصهم,خصوصا كتاب القصة التقليديه وتتضح كل طريقة من خلال الحديث التالي:
1-الطرق التقليديه:
وهي أقدم طريقة ,وتمتاز باتباعها التطور السببي المنطقي,حيث يتدرج القاص بحدثه من المقدمة إلى العقدة النهائية.
2-الطرق الحديثه:
يشرع القاص فيها بعرض حدث قصته من لحظة التأزم,أو كما يسميها بعضهم ""العقدة"",ثم يعود إلى الماضي أو إلى الخلف ليروي بداية حدث قصته.مستعينا في ذلك ببعض الفنيات والأساليب كتيار اللاشعور والمناجاة والذكريات.([8])
3-طريقة الارتجاع الفني(الخطف خلفا):
يبدأ الكاتب فيها بعرض الحدث في نهايته ثم يرجع إلى الماضي ليسرد القصة كاملة,وقد استعملت هذه الطريقة قبل أن تنتقل إلى الأدب القصصي في مجالات تعبيريه أخرى كالسينما.وهي الآن موجوده في الرواية""البوليسية""أكثر من غيرها من الأجناس الأدبية.([9])
ب-طرق صوغ الحدث:
هناك طرق عديدة يستخدمها كتاب القصة لعرض الأحداث نكتفي بالحديث عن أهمها وهي:
1-طرق الترجمة الذاتية:
يلجأ القاص فيه إلى سرد الأحداث بلسان شخصية من شخصيات قصته,مستخدما ضمير المتكلم,ويقدم الشخصيات من خلال وجهة نظره الخاصة,فيحللها تحليلا نفسيا,متقمصا شخصية البطل.ولهذه الطريقة عدة عيوب,من بينها أن الأحداث ترد على لسان القاص الذي يتحكم أيضا في مسار نمو الشخصيات,ومنها أن تجعل القراء يعتقدون أن الأحداث المرويه قد وقعت للقاص,وأنها تمثل تجارب حياته حقا,خصوصا إذا وفق في إقناع القراء بذلك عن طريق وسائله الفنية.
2-طريقة السرد المباشر:
تبدو هذه الطريقة أرحب وأنجع من الطريقة السابقة,وفيها يقدم الكاتب الأحداث في صيغة ضمير الغائب,وتتيح هذه الطريقة الحرية للكاتب,لكي يحلل شخصياته,وأفعالها تحليلا دقيقا وعميقا,ثم إنها لا توهم القارئ بأن أحداثها عبارة عن ذاتية وحياتية,وإنما هي من صميم الإنشاء الفني.
3-الطريقة الثالثة:
يعتمدالقاص في هذه الطريقة على الوثائق والرسائل والمذكرات في أثناء معالجته الموضوع الذي يدير قصته حوله.([10])
ج-عناصر الحدث:
يوجد للحدث القصصي عنصران أساسيان,هما المعنى والحبكة وسنعرض لهما بإيجاز:
أ-المعنى:
للمعنى في القصة القصيرة أهمية كبرى.فهو عنصر أساسي,بل يعده بعض الدارسين أساس القصة,وجزءا لا ينفصل عن الحدث,ولذلك فإن الفعل والفاعل,أو الحوادث والشخصيات يجب أن تعمل على خدمة المعنى من أول القصة إلى آخرها,فإن لم تفعل ذلك كان المعنى دخيلا على الحدث,وكانت القصة بالتاليمختلة البناء.([11])فالقصة الفنية تكتمل بالمعنى الجيد الذي يخدم الإنسان ويطوره.وماكل معنى يلقى الترحيب عند المتلقين أو النقاد.وبلاريب فإن المعنى الجيد يشارك في انتشار النص القصصي,ومن ثمة فإن دوره يكون اعمق أثرا وأكثر عملا على تغيير الظواهر المدانة من طرف النص الأدبي.
ب- الحبكة:
نعني بالحبكة تسلسل حوادث القصة الذي يؤدي إلى نتيجة,ويتم ذلك إما عن طريق الصراع الوجداني بين الشخصيات,وإما بتأثير الأحداث الخارجية.([12])
ومن وظائف الحبكة إثارة الدهشة في نفس القارئ في حين أن الحكاية لاتعدو أن تكون إثارة لحب الاستطلاع لديه,وبين حب الاستطلاع وإثارة الغرابة والدهشة فرق كبير من حيث التأثير الفني.
والحبكة هي المجرى العام الذي تجري فيه القصة وتتسلسل بأحداثها على هيئة متنامية,متسارعة,ويتم هذا بتضافر كل عناصر القصة جميعا.
فالأحداث يجب أن تكون مرتبطة بمبدأ السببية بالرغم من أن بعض القاصين يعتمدون على عناصر أخرى في رسم الأحداث المفاجئة,كاستلهام تدخلات عامل الصدفة,وهذه وسائل يمجها الذوق الفني الرفيع,ويلجأ إلى القاصون السطحيون ذوو الضعف الفني.([13])
والحبكة نوعان:
1-يعتمد فيها تسلسل الأحداث.
2-يعتمد فيها على الشخصيات وما ينشأ عنها من أفعال,وما يدور في صدورها من عواطف,ولايجيء الحدث هنا لذاته,بل لتفسير الشخصيات التي تسيطر على الأحداث,حسب رغبتها,وطاقتها.([14])
هنا فيما يخص الحدث وعنصريه الأساسيين وللموضوع تتمة ولكنني اكتفيت بهذا القدر راجية من المولى أن ينفع به
(هذا الموضوع نقلا عن الأخت لما كربجها في منتديات على المرفأ والتي بدورها نقلته عن كتاب""تطور البنية الفنية في القصة الجزائرية المعاصرة1947-1985 للكاتب شريبط أحمد شريبط
شرح وافي الف شكر
ردحذف